2012
برودر(أخي) لمدى الحياة:
لم أفكر أبدا أنه سينبغي علي كتابة هذه الرسالة لك. إنني مثلك لا أحب المراسلة، و هذا ما تبرهن خلال المهام الأممية التي أديناها، و بشكل قاطع خلال العشرين سنة الأخيرة. بكلمات أخرى ، ظروف استثنائية فقط مثل التي نعيشها تجعلني أكتبها. إذا كانت الظروف عادية ، لكنت أقول لك هذه الأشياء شخصيا، و غالبيتها لن تكن هناك ضرورة حتى لذكرها. ينبغي أن يكون كافيا لك ذلك النضال بلا هوادة ضد مرض يسعى ابتلاعك، و لكن، لا بد لنا أن نضيف إليها مواجهة مرض إنساني مميت أكثر بكثير: أي، الحقد.
الحقد الذي لا يسمح لي بأن أعاملك بالمثل بعد بذل كل جهودك و معانقتك كما تستحق و فعلا الخمسة نتمنى معانقتك. الحقد الذي لا يسمح لي بأن أوحد ابتسامتي و ضحكتي لكل ما يخطر على بالك و ينبع من شجاعتك الهائلة . الحقد الذي يجبرني على التنبؤ من خلال قوة نفسك و بواسطة الهاتف،بالإزاحة المتعرجة لخطوط الجبهة بهذه المعركة التي تخوضها .
الحقد الذي يفرض علي الحزن الشديد لأنني لا استطيع مرافقة الذين يحبونك و القيام برعايتك إلى جانبهم.؛ و الحقد الذي يحول دون وجودي هناك لتأييد ساري و الأولاد.
الحقد الذي يمنعني من رؤية و مشاهدة كيف ينمو أولادك ، الذين أصبحوا رجالا و نساءا بهذه السنوات. كم تستطيع أن تتفاخر بأولادك!
الحقد الذي ببساطة لا يسمح لي بمعانقة أخي. و الذي يفرض علي أن أتابع من هذا الانغلاق غير المعقول و النائي، عملية كان ينبغي علي أن أكون جزءا لا يتجزأ منها، مثل أي شخص آخر نفذ الحكم عليه بالسجن، لمدة طويلة بما فيه الكفاية، و هو حكم أسفر عن الحقد؛ و لكنه ليس كافيا لذلك الحقد.
ما هو العمل أمام كل هذا الحقد؟أفترض أنه ما فعلناه دائما. حب الحياة و النضال من أجلها،من أجل حياتنا و من أجل حياة الآخرين. مواجهة جميع العراقيل بابتسامة بالشفتين، بالمزح المناسب،بهذا التفاؤل الذي غرسوه فينا منذ الطفولة. السير نحو الأمام،بشجاعة،أن لا نستسلم أبدا؛ دائما معا و قريبين جدا من بعضنا ، مهما أصروا على ابتعادي من أحبائي لمعاقبتنا جميعنا بذلك.
اليوم يخطر على بالي تلك الأيام الجميلة التي كنت رياضيا فيها . أنت بالمسبح و نحن بالمدرج، كنا نصيح اسمك بينما كنت تسبح، و كانت أصواتنا تصل إليك بشكل متقطع بينما كنت تسبح و ترفع رأسك من الماء للتنفس. فيما بعد بعدا كنت تقول لنا كيف كنت تسمع إلى الاسم الكامل ، أحيانا كنت تسمع الأحرف الأولى فقط و بأحيان أخري الأحرف الأخيرة. وقتذاك تدربنا حتى نصيح اسمك كلنا معا عندما ترفع رأسك من الماء للتنفس.لم تستطع رؤيتنا ، و لكن الدليل على وجودنا كان يصل إليك و كنت تعرف أننا كن معك ،حتى لولا يمكننا أن نتدخل مباشرة بالمباراة في المسبح.
اليوم يتكرر التاريخ. بينما تواجه هذا التحدي بكل قوتك ما زلت أشجعك، و الآن أنت مع عائلتك التي لم تكن موجودة آنذاك. رغم أنك لا تستطيع رؤيتي، أنت تعرف أنني هناك، إلى جانب عائلتك و هي عائلتي كذلك. تعرف أن هذا الأخ، من منفاه المفاجئ، من الحزن الشديد الناتج عن هذه الفراق الإجباري، بظروف الحرية المقيدة و المراقبة عليها غير العقلانية إطلاقا، من كرامة وطنيته ككوبي، و شأني بذلك شأنك، و من الحنان الذي انغرس بالدماء التي أريقت ومما عشناه معا؛ إنه معك و سيبقى دائما إلى جانبك. كلما ترفع رأسك ستشعر صرختي إلى جانب صرخة أولادك.
تنفس، برودر، تنفس!!
أخوك الذي يحبك.
ريني